الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً (?) وقوله: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً (?) فكان جميع هذا، كما أخبر فغلبت الروم فارس في بضع سنين، ودخلت الناس في الإسلام أفواجا، واتّسع ملك المسلمين حتى كان لهم في وقت من أقصى بلاد الأندلس غربا إلى أقاصي الهند شرقا، ومن بلاد الأناضول شمالا إلى أقاصي السودان جنوبا وقوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (?) فكان كذلك إلى الان والحمد لله، وقوله: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (?) فكان كذلك في بدر والاية نزلت بمكة، وقوله: قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ (?) فكان كذلك مما اطّلع عليه قارىء هذه السيرة، وما فيه من كشف أسرار المنافقين واليهود، ومقالهم وكذبهم في حلفهم، كقوله: وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ (?) وقوله:
يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ (?) وقوله: مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ (?) إلى غير ذلك من الايات البيّنات.
، والأمم البائدة، والشرائع الدّاثرة»
مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلّا الفذّ من أحبار أهل الكتاب (?) ، الذي قطع عمره في تعلّم ذلك، فيورده عليه الصلاة والسلام على وجهه، ويأتي به على نصّه، فيقرّ العالم بذلك بصحّته وصدقه، وأنّ مثله لم ينله بتعليم. وقد علموا أنه صلّى الله عليه وسلّم أميّ لا يقرأ ولا يكتب، ولا اشتغل بمدارسة ولا مجالسة، لم يغب عنهم، ولا جهل حاله أحد منهم.