فجئت فإذا هو في مكانه، فقال: «يا فتى لقد شققت عليّ، أنا هنا منذ ثلاث أنتظرك (?) ! وكان إذا أتي بهدية، قال: اذهبوا بها إلى بيت فلانة، فإنها كانت صديقة لخديجة، إنها كانت تحبّ خديجة (?) . وكان عليه الصلاة والسلام يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم. ووفد عليه وفد، فقام يخدمهم بنفسه، فقال له أصحابه: نكفيك؟ فقال: «إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين، وإني أحبّ أن أكافئهم» (?) . وفي حديث خديجة: أبشر، فو الله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل (?) ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق (?) .

[تواضعه ص]

وأما تواضعه عليه الصلاة والسلام، على علو منصبه ورفعة رتبته، فكان أشدّ الناس تواضعا، وأقلّهم كبرا، وحسبك أنه خيّر بين أن يكون نبيّا ملكا أو نبيّا عبدا فاختار أن يكون نبيّا عبدا (?) ، وخرج عليه الصلاة والسلام مرة على أصحابه متوكئا على عصا، فقاموا له فقال: «لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظّم بعضهم بعضا (?) ، وقال: «إنما أنا عبد اكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد» (?) . وكان يركب الحمار، ويردف خلفه، ويعود المساكين، ويجالس الفقراء، ويجيب دعوة العبد، ويجلس بين أصحابه مختلطا بهم حيثما انتهى به المجلس جلس. وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم. إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله» (?) وحجّ عليه الصلاة والسلام على رحل رثّ، وعليه قطيفة ما تساوي أربعة دراهم؛ فقال: «اللهم اجعله حجّا لا رياء فيه ولا سمعة (?) . هذا وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015