الأمور كلها حتى تصل إلى درجة الكمال. ومن الصعب جدا على البشر تلقّى الوحي من الملك لأول مرة، ثم حبّب إليه عليه الصلاة والسلام الخلاء (?) ليبتعد عن ظلمات هذا العالم وينقطع عن الخلق إلى الله فإن في العزلة صفاء السريرة.

وكان يخلو بغار حراء (?) فيتعبد فيه الليالي ذوات العدد، فتارة عشرا. وتارة أكثر إلى شهر. وكانت عبادته على دين أبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام ويأخذ لذلك زاده، فإذا فرغ رجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحقّ وهو في غار حراء: فبينما هو قائم في بعض الأيام على الجبل إذ ظهر له شخص وقال: أبشر يا محمد أنا جبريل وأنت رسول الله إلى هذه الأمة. ثم قال له: اقرأ، قال: ما أنا بقارىء، فإنه عليه الصلاة والسلام أمي لم يتعلم القراءة قبلا. فأخذه فغطه (?) بالنمط الذي كان ينام عليه حتى بلغ منه الجهد ثم أرسله فقال: اقرأ (?) قال: ما أنا بقارىء، فأخذه فغطّه ثانية ثم أرسله، فقال: اقرأ. قال: ما أنا بقارىء، فأخذه فغطه الثالثة، ثم أرسله فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (?) فرجع بها عليه الصلاة والسلام يرجف فؤاده ممّا ألمّ به من الرّوع (?) الذي استلزمته مقابلة الملك لأول مرة فدخل على خديجة زوجه، فقال: زمّلوني (?) زمّلوني، لتزول عنه هذه القشعريرة (?) فزمّلوه حتى ذهب عنه الرّوع فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي (?) لأن الملك غطّه حتى كاد يموت، ولم يكن له عليه الصلاة والسلام علم قبل ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015