مّا، عسى أن يكون بغيضك يوما مّا» »
وقوله: «الظلم ظلمات يوم القيامة» (?) .
وقوله في بعض دعائه: «اللهم إني أسألك رحمة تهدي بها قلبي، وتجمع بها أمري، وتلمّ بها شعثي، وتصلح بها غائبي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي، وتلهمني بها رشدي، وترد بها ألفتي، وتعصمني بها من كل سوء، اللهم! إني أسألك الفوز في القضاء، ونزل الشهداء، وعيش السّعداء، والنّصر على الأعداء» (?) . إلى غير ذلك مما روته الكافّة عن الكافّة من مقاماته، ومحاضراته، وخطبه، وأدعيته، ومخاطباته، وعهوده، مما لا خلاف أنه نزل من ذلك مرتبة لا يقاس بها غيره، وحاز سبقا لا يقدر قدره. وقد قال أصحابه: ما رأينا الذي هو أفصح منك، فقال: «وما يمنعني؟ وإنما نزل القران بلساني، لسان عربي مبين» (?) .
وقال مرة أخرى: «أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش، ونشأت في بني سعد» (?) . جمع بذلك قوة عارضة البادية وجزالتها (?) ، ونصاعة ألفاظ الحاضرة، ورونق كلامها، إلى التأييد الإلهي الذي مدده الوحي الذي لا يحيط بعلمه بشر.
وأما شرف نسبه، وكرم بلده ومنشئه، فمما لا يحتاج إلى إقامة دليل عليه، ولا بيان مشكل، ولا خفي منه. فإنه نخبة بني هاشم، وسلالة قريش وصميمها (?) ، وأشرف العرب، وأعزّهم نفرا من قبل أبيه وأمه، ومن أهل مكّة، من أكرم بلاد الله على الله، وعلى عباده. وقد قدّمنا لك في أول الكتاب ما فيه الكفاية في هذا المقام.
وأما ما تدعو إليه ضرورة الحياة فمنه ما الفضل في قلته، ومنه ما الفضل في كثرته، ومنه ما تختلف الأحوال فيه، فالأول كالغذاء والنوم، ولم تزل العرب