فقال: هذا عمرو بن أمية ما جاء إلّا بشر، فلمّا راهم علموا به لم يجد مناصا من الهرب، فاصطحب معه رفيقه، ورجعا إلى المدينة. وكأن الله سبحانه أراد أن يعيش أبو سفيان حتى يسلم بيده مفاتيح مكّة للمسلمين، ويعتنق الدّين الحنيفي القويم.
رأى عليه الصلاة والسلام في نومه أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام امنين محلقين رؤوسهم ومقصرين، فأخبر المسلمين أنه يريد العمرة واستنفر الأعراب الذين حول المدينة ليكونوا معه، حذرا من أن تردّهم قريش عن عمرتهم ولكن هؤلاء الأعراب أبطؤوا عليه لأنهم ظنوا ألّا ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا، وتخلّصوا بأن قالوا: شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا، فخرج عليه الصلاة والسلام بمن معه من المهاجرين والأنصار تبلغ عدتهم ألفا وخمسمائة (?) وولى على المدينة ابن أم مكتوم (?) ، وأخرج معه زوجه أم سلمة، وأخرج الهدي ليعلم الناس أنه لم يأت محاربا، ولم يكن مع أصحابه شيء من السلاح إلّا السيوف في القراب، لأنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يرض أن يحملوا السيوف مجرّدة وهم معتمرون، ثم سار الجيش حتى وصل عسفان (?) فجاءه عينه (?) يخبره أن قريشا أجمعت رأيها أن يصدّوا المسلمين عن مكّة، وألايدخلوها عليهم عنوة أبدا، وتجهّزوا ليصدّوا المسلمين عن التقدّم، فقال عليه الصلاة والسلام: هل من رجل يأخذ بنا على غير طريقهم؟ فقال رجل من أسلم (?) : أنا يا رسول الله. فسار بهم