فو الله لقلّما كانت امرأة قطّ وضيئة (?) عند رجل يحبّها لها ضرائر إلّا أكثرن عليها فقالت عائشة: سبحان الله! أو قد تحدّث الناس بهذا؟! وبكت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لها دمع، ولا تكتحل بنوم. وفي خلال ذلك كان عليه الصلاة والسلام يستشير كبار أهل بيته فيما يفعل، فقال له أسامه بن زيد (?) لما يعلمه من براءة عائشة: أهلك أهلك ولا نعلم عليهم إلّا خيرا، وقال علي بن أبي طالب: لم يضيّق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك. فدعا عليه الصلاة والسلام بريرة (?) جارية عائشة وقال لها: هل رأيت من شيء يريبك؟ فقالت:
والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه (?) غير أنها جارية حديثة السّن تنام عن عجينها، فتأتي الداجن (?) فتأكله.
فقام عليه الصلاة والسلام من يومه، وصعد المنبر، والمسلمون مجتمعون، وقال: من يعذرني (?) من رجل بلغني أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلّا خيرا. ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلّا خيرا وما يدخل على أهلي إلّا معي.
فقال سعد بن معاذ: أنا يا رسول الله أعذرك منه، فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، فقام سعد بن عبادة الخزرجي وقال: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله، ولو كان من رهطك ما أحببت أنه يقتل، فقام أسيد بن خضير، وقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنّه، فإنك منافق تجادل المنافقين. وكادت تكون فتنة بين الأوس والخزرج لولا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نزل من فوق المنبر، وخفّضهم حتى سكتوا، أما عائشة فبقيت ليلتين لا يرقأ لها دمع ولا تكتحل بنوم. وبينما هي مع أبويها إذ دخل النبي عليه