الذين ساعدوا قريشا على حرب المسلمين في أحد يجمع الجموع لحربه، فخرج له عليه الصلاة والسلام في جمع كثير، وولّى على المدينة زيد بن حارثة، وخرج معه من نسائه عائشة وأم سلمة، وخرج معه ناس من المنافقين لم يخرجوا قط في غزوة قبلها يرجون أن يصيبوا من عرض الدنيا، وفي أثناء مسيره عليه الصلاة والسلام التقى بعين بني المصطلق، فسأله عن أحوال العدو فلم يجب فأمر بقتله.
ولما بلغ الحارث رئيس الجيش مجيء المسلمين لحربه، وأنهم قتلوا جاسوسه خاف هو وجيشه خوفا شديدا حتى تفرّق عنه بعضهم، ولما وصل المسلمون إلى المريسيع (?) تصافّ الفريقان للقتال، بعد أن عرض عليهم الإسلام فلم يقبلوا، فتراموا بالنبل ساعة، ثم حمل المسلمون عليهم حملة رجل واحد، فلم يتركوا لرجل من عدوهم مجالا للهرب، بل قتلوا عشرة منهم وأسروا باقيهم مع النساء والذّرية واستاقوا الإبل والشياه، وكانت الإبل ألفي بعير، والشياه خمسة الاف استعمل الرسول على ضبطها مولاه شقران (?) ، وعلى الأسرى بريدة (?) . وكان في نساء المشركين برّة بنت الحارث (?) سيد القوم، وقد أخذ من قومها مئتا بنت أسرى وزّعت على المسلمين، وهنا يظهر حسن السياسة، ومنتهى الكرم، فإن بني المصطلق من أعزّ العرب دارا، فأسر نسائهم بهذه الحال صعب جدا، فأراد عليه الصلاة والسلام أن يجعل المسلمين يمنّون على النساء بالحرية من تلقاء أنفسهم، فتزوّج برة بنت الحارث التي سمّاها جويرية، فقال المسلمون: أصهار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا ينبغي أسرهم في أيدينا، فمنّوا عليهم بالعتق، فكانت جويرية أيمن امرأة على قومها (?) كما قالت عائشة رضى الله عنها، وتسبّب عن هذا الكرم العظيم،