ظلمة القبر، وظلمة الكفر، وظلمة النفاق، وظلمة المعاصي، على اختلاف أنواعها، وبعد ذلك ظلمة النار وبئس القرار؛ فلهذا قال تعالى: {صُمٌّ} أي عن سماع الخير، {بُكْمٌ} أي عن النطق به، {عُمْيٌ} أي عن رؤية الحق، {فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ}؛ لأنهم تركوا الحق بعد أن عرفوه، فلا يرجعون إليه، بخلاف من ترك الحق عن جهل، فإنه لا يعقل، وهو أقرب رجوعاً منهم)) (?).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((شبَّه سبحانه أعداءه المنافقين بقوم أوقدوا ناراً؛ لتضيء لهم، وينتفعوا بها، فلما أضاءت لهم النار فأبصروا في ضوئها ما ينفعهم ويضرهم، وأبصروا الطريق بعد أن كانوا حيارى تائهين، فهم قوم سَفَر ضلُّوا الطريق فأوقدوا النار تضيء لهم الطريق، فلما أضاءت لهم وأبصروا وعرفوا طفئت تلك الأنوار، وبقوا في الظلمات لا يبصرون، وقد سُدّت عليهم أبواب الهدى الثلاثة؛ فإن الهدى يدخل إلى العبد من ثلاثة أبواب: مما يسمعه بأذنه، ويراه بعينه، ويعقله بقلبه، وهؤلاء قد سُدَّت عليهم أبواب الهدى، فلا تسمع قلوبهم شيئاً، ولا تبصره، ولا تعقل ما ينفعها)) (?).
وبيَّن رحمه الله تعالى أن الله - سبحانه وتعالى -: ((سَمَّى كتابه نوراً، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - نوراً، ودينه نوراً، وهُدَاه نوراً، ومن أسمائه النور، والصلاة نور، فذهابه سبحانه بنورهم ذهاب بهذا كله)) (?)، وبيّن رحمه الله: ((أن الخارجين عن