قال النووي: الصحيح من مذهبنا وبه قطع الجمهور كراهة صوم يوم الجمعة منفردا، وفي وجه أنه لا يكره إلا لمن لو صامه منعه من العبادة وأضعفه لحديث:

8- أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قلما كان يفطر يوم الجمعة.

وأجاب الأول عنه بأنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم الخميس، فوصل الجمعة به.

واختلف في الحكمة التي كره الصوم لأجلها، والصحيح كما قال النووي أنه كره؛ لأنه يوم شرع فيه عبادات كثيرة من الذكر والدعاء والقراءة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فاستحب فطره ليكون أعون على أداء هذه الوظائف بنشاط من غير ملل ولا سآمة، وهو نظير الحاج بعرفات، فإن الأولى له الفطر لهذه الحكمة.

قال: فإن قيل لو كان كذلك لم تزل الكراهة بصوم قبله أو بعده لبقاء المعنى المذكور، فالجواب أنه يحصل له بفضيلة الصوم الذي قبله أو بعده ما يجبر ما قد يحصل من فتور، أو تقصير في وظائف يوم الجمعة بسبب صومه.

وقيل الحكمة خوف المبالغة في تعظيمه بحيث يفتتن به كما افتتن بالسبت، قال: وهذا باطل منتقض بصلاة الجمعة، وسائر ما شرع فيه من أنواع الشعائر، والتعظيم مما ليس في غيره.

وقيل الحكمة خوف اعتقاد وجوبه. قال: وهذا منتقض بغيره من الأيام التي ندب صومها، وهذا ما ذكره النووي، وحكى غيره قولا آخر أن علته كونه عيدا، والعيد لا يصام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015