سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن في الجمعة لساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئا إلا آتاه الله إياه، قالوا: يا رسول الله أية ساعة؟ قال: حين تقام الصلاة إلى الانصراف منها"، ولكن هذا الحديث ضعيف قال أبو عمر بن عبد البر: هو حديث لم يروه فيما علمت إلا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه، عن جده وليس هو ممن يحتج بحديثه، وقد روى روح بن عباد عن عوف، عن معاوية بن قرة، عن أبي بردة، عن أبي موسى أنه قال لعبد الله بن عمر: هي الساعة التي يخرج فيها الإمام إلى أن يقضي الصلاة، فقال ابن عمر: أصاب الله بك، وروى عبد الرحمن بن حجيرة، عن أبي ذر أن امرأته سأتله، عن الساعة التي يستجاب فيها يوم الجمعة للعبد المؤمن، فقال لها: هي مع رفع الشمس بيسير، فإن سألتني بعدها فأنت طالق، واحتج هؤلاء أيضًا بقوله في حديث أبي هريرة، وهو قائم يصلي، وبعد العصر لا صلاة في ذلك الوقت، والأخذ بظاهر الحديث أولى قال أبو عمر: يحتج أيضا من ذهب إلى هذا بحديث علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا زالت الشمس، وفاءت الأفياء وراحت الأرواح، فاطلبوا إلى الله حوائجكم، فإنها ساعة الأوابين ثم تلا أنه كان للأوابين غفورا، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: الساعة التي تذكر يوم الجمعة ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، وكان سعيد بن جبير إذا صلى العصر لم يكلم أحدا حتى تغرب الشمس، وهذا هو قول أكثر السلف، وعليه أكثر الأحاديث، ويليه القول بأنها ساعة الصلاة، وبقية الأقوال لا دليل عليها، وعندي أن ساعة الصلاة يرجى فيها الإجابة أيضا، فكلاهما ساعة إجابة، وإن كانت الساعة المخصوصة هي آخر ساعة بعد العصر، فهي ساعة معينة من اليوم لا تتقدم، ولا تتأخر وإما ساعة الصلاة، فتابعة للصلاة تقدمت، أو تأخرت؛ لأن لاجتماع المسلمين وصلاتهم، وتضرعهم وابتهالهم إلى الله تعالى تأثيرًا في الإجابة، فساعة اجتماعهم ساعة ترجى فيها الإجابة، وعلى هذا تتفق الأحاديث كلها، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم قد حض أمته على الدعاء، والابتهال إلى الله تعالى في هاتين الساعتين، ونظير هذا قوله صلى الله عليه وسلم، وقد سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى، فقال: هو مسجدكم هذا، وأشار إلى مسجد المدينة، وهذا لا ينفي أن يكون مسجد قباء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015