المانع من الصلاة خروج الإمام لا انتصاف النهار، وأيضا فإن الناس يكونون في المسجد تحت السقوف، ولا يشعرون بوقت الزوال والرجل يكون متشاغلًا بالصلاة لا يدري بوقت الزوال، ولا يمكنه أن يخرج، ويتخطى رقاب الناس، وينظر إلى الشمس، ويرجع ولا يشرع له ذلك، وحديث أبي قتادة هذا قال أبو داود: هو مرسل؛ لأن أبا الخليل لم يسمع من أبي قتادة، والمرسل إذا اتصل به عمل، وعضده قياس أو قول صحابي، أو كان مرسله ضعيفًا باختيار الشيوخ ورغبته عن الرواية عن الضعفاء والمتروكين، ونحو ذلك مما يقتضي قوته عمل به، وأيضا فقد يعضده شواهد أخر منها ما ذكره الشافعي في كتابه، فقال: روي عن إسحاق بن عبد الله عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار، حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة هكذا رواه في كتاب اختلاف الحديث، ورواه في كتاب الجمعة، حدثنا إبراهيم بن محمد عن إسحاق، ورواه أبو خالد الأحمر، عن شيخ من أهل المدينة يقال له عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رواه البيهقي في المعرفة من حديث عطاء بن عجلان، عن أبي نضرة عن أبي سعيد، وأبي هريرة قالا: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة، ولكن إسناده فيه من لا يحتج به قال البيهقي: ولكن إذا انضمت هذه الأحاديث إلى حديث أبي قتادة أحدثت بعض القوة.
قال الشافعي: من شأن الناس التهجير إلى الجمعة والصلاة إلى خروج الإمام.
قال البيهقي: والذي أشار إليه الشافعي موجود في الأحاديث الصحيحة، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم رغب في التبكير إلى الجمعة، وفي الصلاة إلى خروج الإمام من غير استثناء، وذلك موافق هذه الأحاديث التي أبيحت فيها الصلاة نصف النهار يوم الجمعة، وروينا الرخصة في ذلك عن عطاء والحسن ومكحول، قلت: اختلف الناس في كراهة الصلاة نصف النهار على ثلاثة أقوال، أحدها أنه ليس وقت كراهة بحال، وهو مذهب مالك رحمه الله الثاني وقت كراهة في يوم الجمعة وغيرها، وهو مذهب أبي حنيفة، والمشهور من مذهب أحمد، والثالث أنه وقت كراهية إلا يوم الجمعة، فليس وقت كراهة، وهذا مذهب الشافعي رحمه الله تعالى.