ولا مُنافاة بين تسمية العمل فسقًا، أو عامله فاسقًا، وبين تسميته مسلمًا وجريان أحكام المسلمين عليه؛ لأنه ليس كل فسق يكون كفرًا، ولا كل ما يسمى كفرًا، وظلمًا، يكون مخرجًا من الملة حتى ينظر إلى لوازمه وملزوماته؛ وذلك لأنَّ كلاً من الكفر، والشرك، والظلم، والفسوق، والنفاق جاءت في النصوص على قسمين:
القسم الأول: أكبر يُخرج من الملّة لمنافاته أصل الدين.
القسم الثاني: أصغر يُنقص الإيمان ويُنافي كماله، ولا يُخرج صاحبه منه، فكُفر دون كُفر، وشرك دون شرك، وظلم دون ظلم، وفسوق دون فسوق، ونفاق دون نفاق. والفاسق بالمعاصي التي لا تُوجب الكفر لا يخلد في النار، بل أمره مردود إلى الله تعالى، إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة من أول وهلة برحمته وفضله، وإن شاء عاقبه بقدر الذنب الذي مات مصرًا عليه، ولا يُخلده في النار، بل يُخرجه برحمته، ثم بشفاعة الشافعين، إن كان مات على الإيمان (?).
الخامس: من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو عمل به كفر إجماعًا؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ الله فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (?).
السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو ثوابه، أو عقابه، كفر. والدليل قوله تعالى: {قُلْ أَبِالله وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (?).