بعد أن عشنا نتتلمذ على العلامة ابن الجوزي رحمه الله بواسطة كتابه القيم، وعلومه المفيدة علينا أن نقوم حصيلة هذا البحث الذي قضيت في إعداده قرابة سنتين، وعلينا أن نتساءل، ونتدارس عن مدى ثمرة هذا الكتاب وميزته أيضاً من بين كتب النسخ الأخرى هل قدم لنا شيئاً جديداً أم هو تكرار لما سطر الآخرون قبله.
ولا شك أن كل مجد ومجتهد يسر بأثر جهده، ويتمتع بثمرة عمله إذا أخلص فيه، لقد ترك لنا ذلك العالم الفذ في ثنايا كتابه أشياء عديدة وجديدة ومفيدة، منها:
1 - إظهار مسؤولية الدعاة وحماة القرآن كتاباً ومؤلفين خطباء ومدرسين، تجاه كتاب الله المحكم حينما تتناوله أيد فاسدة وجاهلة - ولو بحسن النية - لجعل الآيات المحكمة منسوخة، وإظهار خطورة هذا الموضوع حين يضيع بين القيل والقال من غير استناد إلى الأدلة الصحيحة الثابتة عن صاحب الرسالة صلوات الله وسلامه عليه.
2 - التعرف على شخصية المؤلف التي بدت لنا من خلاله معالجته لقضايا النسخ، وعرضه للأحاديث والآثار التي يرويها لنا عن مشايخه بأسانيد متصلة، كأنه محدّث ومفسر وفقيه وأصولي في آن واحد، يجيد فهم القرآن ويحسن الاستنباط من آيات الأحكام فيه، ودارس لوقائع