بَابُ: ذِكْرِ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ مِنْ سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ
ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى وَالثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} الآيَةُ1 وَقَوْلُهُ: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} الآيَةُ2.
زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْكُفَّارِ، وَأَنَّهُ منسوخ بآية السيف.
أخبرنا بن ناصر، قال: بنا ابْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَبْنَا ابْنُ شَاذَانَ قَالَ: أَبْنَا أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو دَاوُدَ، قال: بنا محمد بن عبيد، قال: بنا محمّد ابن ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} قَالَ نَسَخَتْهَا: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} 3 وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَى الآيَتَيْنِ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ4.
قَالَ أَبُو جَعْفَرِ ابن جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ لا وَجْهَ لِادِّعَاءِ النَّسْخِ، لِأَنَّ بِرَّ الْمُؤْمِنِينَ لِلْمُحَارِبِينَ سواء كانوا قَرَابَةً أَوْ غَيْرَ قَرَابَةٍ5 غَيْرُ مُحَرَّمٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَقْوِيَةً لَهُمْ عَلَى الْحَرْبِ بِكُرَاعٍ أَوْ سِلاحٍ أَوْ دِلالَةٍ لهم على عورة