سورة حم عسق

بَابُ: ذِكْرِ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ النَّسْخُ فِي سُورَةِ حم عسق

ذِكْرُ الْآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الآرْضِ} 1.

زَعَمَ قَوْمٌ مِنْهُمُ ابْنُ مُنَبِّهٍ2 وَالسُّدِّيُّ، وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} 3. وَهَذَا قَبِيحٌ، لِأَنَّ الآيَتَيْنِ خَبَرٌ، وَالْخَبَرُ لا يُنْسَخُ، ثُمَّ لَيْسَ بَيْنَ الآيَتَيْنِ تَضَادٌّ؛ لِأَنَّ اسْتِغْفَارَهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ اسْتَغْفَارٌ خَاصٌّ لا يَدْخُلُ فِيهِ إِلا مَنِ اتَّبَعَ الطَّرِيقَ المستقيم فلأولئك طلبوا الغفران والإعادة مِنَ النِّيرَانِ وَإِدْخَالَ الْجِنَانِ.

وَاسْتِغْفَارُهُمْ لِمَنْ فِي الأَرْضِ لا يَخْلُوا مِنْ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُرِيدُوا بِهِ الْحِلْمَ عَنْهُمْ وَالرِّزْقَ لَهُمْ، وَالتَّوْفِيقَ لِيَسْلَمُوا، وَإِمَّا أَنْ يُرِيدُوا بِهِ مَنْ فِي الأَرْضِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَيَكُونُ اللَّفْظُ عَامًّا وَالْمَعْنَى خاصاً، وقد دلت عَلَى تَخْصِيصِ عُمُومِهِ قَوْلُهُ: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} والدليل الموجب لصرفه عَنِ الْعُمُومِ إِلَى الْخُصُوصِ أَنَّ الْكَافِرَ لا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُغْفَرَ له فعلى هذا البيان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015