بَابُ: ذِكْرِ الْآيَاتِ اللَّوَاتِي ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ 1
ذِكْرُ الْآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَسِيحُوا فِي الأرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} 2.
زَعَمَ بَعْضُ نَاقِلِي التَّفْسِيرِ مِمَّنْ لا يَدْرِي مَا يَنْقُلُ: أَنَّ التَّأْجِيلَ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ3. وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} 4 وَهَذَا سُوءُ فَهْمٍ، وَخِلافٌ لِمَا عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ، فَإِنَّ الْمُفَسِّرِينَ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ جُعِلَتْ لَهُ هَذِهِ الأَشْهُرُ على أربعة أقوال:
أحدها: أَنَّهَا أَمَانٌ لِأَصْحَابِ الْعَهْدِ، فَمَنْ كَانَ عَهْدُهُ أَكْثَرَ مِنْهَا حُطَّ إِلَيْهَا، وَمَنْ كَانَ عَهْدُهُ أَقَلَّ مِنْهَا رُفِعَ إِلَيْهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ فَأَجَلُهُ انْسِلاخُ الْمُحَرَّمِ خَمْسُونَ لَيْلَةً. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ5 وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الأَجَلُ خَمْسِينَ لَيْلَةً، لِأَنَّ هَذِهِ الآيَاتِ نُودِيَ بِهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَقِيلَ يَوْمَ النَّحْرِ.