أحدهما: مِنْ غَيْرِ مِلَّتِكُمْ وَدِينِكُمْ، قَالَهُ أَرْبَابُ الْقَوْلِ الأَوَّلِ.
وَالثَّانِي: مِنْ غير عشرتكم وَقَبِيلَتِكُمْ، وَهُمْ مُسْلِمُونَ أَيْضًا. قَالَهُ أَرْبَابُ الْقَوْلِ الثَّانِي وَالْقَائِلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ شَهَادَةُ المسلمَينِ مِنَ الْقَبِيلَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْقَبِيلَةِ لا يُشَكُّ فِي إِحْكَامِ هَذِهِ الآيَةِ. فَأَمَّا الْقَائِلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} أَهْلُ الْكِتَابِ إِذَا (شَهِدُوا عَلَى الْوَصِيَّةِ) فِي السَّفَرِ فَلَهُمْ فِيهَا قولان:
أحدهما: أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَهُمْ بَاقٍ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْمُسَيَّبِ وَابْنِ جُبَيْرٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَقَتَادَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ1.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} 2 وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ3 وَإِلَيْهِ يَمِيلُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، قَالُوا: وَأَهْلُ الْكُفْرِ لَيْسُوا بِعُدُولٍ4.وَالأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّ هَذَا موضع ضرورة فجاز