فَصْلٌ: وَهَلْ أُمِرُوا فِي الشَّرِيعَةِ أَنْ يَتَوَارَثُوا بِذَلِكَ فِيهِ قَوْلانِ:
أحدهما: أَنَّهُمْ أُمِرُوا أَنْ يَتَوَارَثُوا بِذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَجْعَلُ لِحَلِيفِهِ السُّدُسَ مِنْ مَالِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَجْعَلُ لَهُ سهماُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِجَمِيعِ مَالِهِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَيْرُونُ، وَأَبُو طَاهِرٍ الْبَاقِلاوِيُّ، قَالا: أَبْنَا ابْنُ شَاذَانَ، قَالَ: أَبْنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ، قَالَ: أَبْنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَلْحَقُ بِهِ الرَّجُلُ فَيَكُونُ تَابِعَهُ، فَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ صَارَ لِأَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ الْمِيرَاثُ، وَبَقِيَ تَابِعُهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} وَكَانَ يُعْطِي مِنْ مِيرَاثِهِ، فَأَنْزَلَ الله تعالى بعد ذلك، {وَأُولُوا الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} 1.
قُلْتُ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْنِي: نَسْخَ الآيَةِ بِهَذِهِ الآيَةِ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ الثَّوْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ2 وَمَالِكٌ، والشافعي، وأحمد بن حنبل.