ذِكْرُ الْآيَةِ الْعَاشِرَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} 1.
هَذَا كَلامٌ مُحْكَمٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {إِلاّ مَا قَدْ سَلَفَ} أي: بعد ما قَدْ سَلَفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. وَزَعَمَ بَعْضُ مَنْ قَلَّ فَهْمُهُ: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ نَسَخَ مَا قَبْلَهُ. وَهَذَا تَخْلِيطٌ لا حَاصِلَ لَهُ وَلا يَجُوزُ أن يلتفت إليه من جهتين: أحدهما: أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ لَيْسَ بِنَسْخٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ عَائِدٌ إِلَى مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ: فَإِنْ فَعَلْتُمُ عُوقِبْتُمْ إِلا
مَا قَدْ سَلَفَ، فَإِنَّكُمْ لا تُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ، فَلا مَعْنَى لِلنَّسْخِ هَهُنَا2.
ذِكْرُ الآيَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأخْتَيْنِ إِلاّ مَا قَدْ سَلَفَ} 3.
وَهَذِهِ حُكْمُهَا حُكْمُ الَّتِي قَبْلَهَا. وَقَدْ زَعَمَ الزَّاعِمُ هُنَاكَ: أَنَّ هَذِهِ كَتِلْكَ فِي أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ نَاسِخٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا رذولة هذا القول4.