وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ قَالُوا: مَا أَحَدٌ إِلا وَلَهُ مِنَ الدُّنْيَا نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ، وَلا يَفُوتُهُ مَا قُسِمَ لَهُ. فَمَنْ كَانَتْ هِمَّتُهُ ثَوَابُ الدُّنْيَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْهَا مَا قُدِّرَ لَهُ وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي يَشَاؤُهُ اللَّهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} 1 وَلَمْ يَقُلْ يُؤْتِهِ مِنْهَا مَا يَشَاءُ هُوَ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: (لِمَنْ يُرِيدُ) 2 أَنْ يَفْتِنَهُ أَوْ يُعَاقِبَهُ.
وَذَهَبَ السُّدِّيُّ إِلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ3 بِقَوْلِهِ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} وَلَيْسَ هَذَا بِقَوْلِ مَنْ يَفْهَمُ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ، فَلا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
ذِكْرُ الْآيَةِ الْعَاشِرَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ} 4
الْجُمْهُورُ عَلَى إِحْكَامِ هَذِهِ الآيَةِ، لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتِ الأَمْرَ بِالصَّبْرِ وَالتَّقْوَى وَلا بُدَّ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ ذَلِكَ.
وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الصبر المذكور ها هنا منسوخ بآية السيف5.