لا تُنَافِي أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا لِلتَّحَفُّظِ، وَإِنَّمَا شُرِعَ الاسْتِغْفَارُ وَالتَّوْبَةُ بِوُقُوعِ الْهَفَوَاتِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: "مَعْنَى قَوْلِ الأَوَّلِينَ نُسِخَتْ هَذِهِ الآيَةُ أَيْ: أُنْزِلَتِ الأُخْرَى بِنُسْخَتِهَا وَهُمَا وَاحِدٌ، وَإِلا فَهَذَا لا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَخَ، لِأَنَّ النَّاسِخَ هُوَ الْمُخَالِفُ لِلْمَنْسُوخِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ الرَّافِعُ لَهُ الْمُزِيلُ حُكْمَهُ"1.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَيْسَتْ مَنْسُوخَةً، لِأَنَّ قَوْلَهُ: {مَا اسْتَطَعْتُمْ} بَيَانٌ لِحَقِّ تُقَاتِهِ وَأَنَّهُ تَحْتَ الطَّاقَةِ فَمَنْ سَمَّى بَيَانَ الْقُرْآنِ نَسْخًا فَقَدْ أَخْطَأَ.
وَهَذَا فِي تَحْقِيقِ الْفُقَهَاءِ يُسَمَّى: تَفْسِيرٌ مُجْمَلٌ أَوْ بَيَانٌ مُشْكَلٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْمَ ظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ تَكْلِيفُ (مَا لا يُطَاقُ) 2 فَأَزَالَ اللَّهُ إِشْكَالَهُمْ. فَلَوْ قَالَ: لا تَتَّقُوهُ حَقَّ تُقَاتِهِ كَانَ نَسْخًا، وَإِنَّمَا بَيَّنَ3 أَنِّي لَمْ أُرِدْ بِحَقِّ التُّقَاةِ، مَا لَيْسَ فِي الطَّاقَةِ4.