ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} 1.
قد ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ اتِّقَاءُ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُوقِعُوا فِتْنَةً أَوْ مَا يُوجِبُ الْقَتْلَ وَالْفُرْقَةَ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ السَّيْفِ2.
وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ جَوَازُ اتِّقَائِهِمْ إِذَا أَكْرَهُوا الْمُؤْمِنَ عَلَى الْكُفْرِ بِالْقَوْلِ الَّذِي لا يَعْتَقِدُهُ وَهَذَا الْحُكْمُ باقٍ غَيْرُ مَنْسُوخٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلاَّّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإٍِيمَانِ} 3.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ قَالَ: أَبْنَا بْنُ خَيْرُونَ وَأَبُو طَاهِرٍ الباقلاوي، قالا: أَبْنَا بْنُ شَاذَانَ قَالَ: أَبْنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ قَالَ حَدَّثَنِي محمد ابن سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}. وَالتُّقْيَةُ بِاللِّسَانِ: مِنْ حُمِلَ عَلَى أَمْرٍ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَهُوَ مَعْصِيَةُ اللَّهِ فَتَكَلَّمَ بِهِ مَخَافَةَ النَّاسِ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَضُرُّهُ4.
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو طَاهِرٍ الْبَاقِلاوِيُّ قَالَ: أَبْنَا ابْنُ شَاذَانَ، قَالَ: أَبْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: أَبْنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قال: بنا آدم، قال: بنا وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، {إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا