والثاني: قَوْلُهُ: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} 1 وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا نَاسِخَةٌ مِنْ وَجْهٍ، وَمَنْسُوخَةٌ مِنْ وَجْهٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجِهَادَ كَانَ عَلَى ئلاث طَبَقَاتٍ:
الأُولَى: الْمَنْعُ مِنَ الْقِتَالِ، وَذَلِكَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} 2 فنسخت بهذ الْآيَةِ وَوَجَبَ بِهَا التَّعَيُّنُ عَلَى الْكُلِّ، وَسَاعَدَهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} 3 ثُمَّ اسْتَقَرَّ الأَمْرُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا قَامَ بِالْجِهَادِ قَوْمٌ سَقَطَ عَلَى الْبَاقِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} 4.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَهُ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} مُحْكَمٌ وَأَنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ لازِمٌ لِلْكُلِّ، إِلا أَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، إِذَا قَامَ بِهِ قَوْمٌ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ فَلا وَجْهَ للنسخ) 5.