عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ حَيَّيْنِ مِنَ الْعَرَبِ اقْتَتَلُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلامِ بِقَلِيلٍ، فَكَانَ بَيْنَهُمْ قَتْلٌ وَجِرَاحَاتٌ، حَتَّى قَتَلُوا (الْعَبِيدَ وَالنِّسَاءَ) 1 فَلَمْ يَأْخُذْ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ حَتَّى أَسْلَمُوا وَكَانَ أَحَدُ الْحَيَّيْنِ يَتَطَاوَلُونَ عَلَى الْآخَرِ فِي الْعُدَّةِ وَالأَمْوَالِ فَحَلَفُوا أَنْ لا نَرْضَى حَتَّى نَقْتُلَ بِالْعَبْدِ مِنَّا الْحُرَّ مِنْهُمْ، وَبِالْمَرْأَةِ مِنَّا الرَّجُلَ مِنْهُمْ فَنَزَلَ فِيهِمْ {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأْثَى} فَرَضُوا بِذَلِكَ فَصَارَتْ آيَةُ {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأْثَى} منسوخة نسخها {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} 2.
قُلْتُ: وَهَذَا (الْقَوْلُ) 3 لَيْسَ بِشَيْءٍ لوجهين:
أحدهما: أَنَّهُ إِنَّمَا ذَكَرَ فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ مَا كَتَبَهُ عَلَى أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَذَلِكَ لا يَلْزَمُنَا وَإِنَّمَا نَقُولُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَثْبُتْ نسخه، وبخطابنا بَعْدَ خِطَابِهِمْ قَدْ ثَبَتَ النَّسْخُ، فَتِلْكَ الْآيَةُ أَوْلَى أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً بِهَذِهِ مِنْ هَذِهِ بِتِلْكَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ دَلِيلَ الْخِطَابِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ حُجَّةٌ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ، وَقَدْ ثَبَتَ بِلَفْظِ الْآيَةِ أَنَّ الْحُرَّ يُوَازِي الحر فلأن يوازي العبد