ذِكْرُ الْآيَةِ الْعَاشِرَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} إلى قوله: {اللاّعِنُونَ} 1.

قد زعم قوم مِنَ الْقُرَّاءِ (الَّذِينَ) 2 قَلَّ حَظُّهُمْ مِنْ عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْفِقْهِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِالِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهَا3 ولوكان لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ ذَلِكَ، لَعَلِمُوا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَيْسَ بِنَسْخٍ وَإِنَّمَا هُوَ إِخْرَاجُ بَعْضِ مَا شَمَلَهُ اللَّفْظُ، وَيَنْكَشِفُ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ.

أحدهما: أَنَّ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ لا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِأَحَدِهِمَا إِلا بِتَرْكِ الْعَمَلِ بالآخر، وههنا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِالْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْجُمَلَ إِذَا دَخَلَهَا الِاسْتِثْنَاءُ يَثْبُتُ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى لَمْ يَكُنْ مُرَادًا دُخُولُهُ فِي الْجُمْلَةِ الباقية وَمَا لا يَكُونُ مُرَادًا بِاللَّفْظِ الأَوَّلِ لا يَدْخُلُ عَلَيْهِ النَّسْخُ4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015