فَصْلٌ: وَاعْلَمْ أَنَّ تَحْقِيقَ الْكَلامِ دُونَ التَّحْرِيفِ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِالْعَفْوِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِهِ إِلَى غَايَةٍ وَبَيَّنَ الْغَايَةَ بِقَوْلِهِ: {حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} وَمَا بَعْدَ الْغَايَةِ يَكُونُ حُكْمُهُ مُخَالِفًا لِمَا قَبْلَهَا، وَمَا هَذَا سَبِيلُهُ لا يَكُونُ أَحَدُهُمَا نَاسِخًا لِلآخَرِ، بَلْ يَكُونُ الأَوَّلُ قَدِ انقضت مدته بغايته والآخر محتاجاً1 إِلَى حُكْمٍ آخَرَ، وَقَدْ ذَهَبَ إلى ما قلته جَمَاعَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُفَسِّرِينَ وَهُوَ الصَّحِيحُ2 وَهَذَا إِذَا قُلْنَا: إِنَّ الْمُرَادَ الْعَفْوُ عَنْ قِتَالِهِمْ (وَقَدْ قَالَ) 3 الْحَسَنُ: هَذَا فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ دُونَ تَرْكِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِالْقِيَامَةِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: بِالْعُقُوبَةِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الأَمْرُ بِالْعَفْوِ مُحْكَمًا لا منسوخاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015