الْبَابُ الثَّالِثُ: بَابُ بَيَانِ حَقِيقَةِ النَّسْخِ

النَّسْخُ فِي اللُّغَةِ عَلَى معنيين:

أحدهما: الرَّفْعُ وَالْإِزَالَةُ، يُقَالُ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ إِذَا رَفَعَتْ ظِلَّ الْغَدَاةِ بِطُلُوعِهَا وَخَلَفَهُ ضَوْؤُهَا. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} 1.

وَالثَّانِي: تَصْوِيرٌ مِثْلَ الْمَكْتُوبِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، (يَقُولُونَ) 2 نَسَخْتُ الْكِتَابَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} 3.

وَإِذَا أُطْلِقَ النَّسْخُ فِي الشَّرِيعَةِ أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى الأَوَّلُ، لِأَنَّهُ رَفَعَ الْحُكْمَ الَّذِي ثَبَتَ تَكْلِيفُهُ لِلْعِبَادِ إِمَّا بِإِسْقَاطِهِ إِلَى غَيْرِ بَدَلٍ أَوْ إِلَى بَدَلٍ.

وَقَالَ شَيْخُنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ4: الْخِطَابُ فِي التَّكْلِيفِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَمَرٌ، وَنَهْيٌ، فَالأَمْرُ اسْتِدْعَاءُ الْفِعْلِ، وَالنَّهْيُ اسْتِدْعَاءُ التَّرْكِ، وَاسْتِدْعَاءُ الْفِعْلِ يقع على ثلاثة أضرب:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015