هذه الآية كلها محكمة، والحرج المرفوع عن أهل الضر مختلف فيه، فمن المفسرين من يقول، المعنى: ليس عليكم في مؤاكلتكم حرج، لأن القوم تحرجوا وقالوا: الأعمى لا يبصر موضع الطعام الطيب، والمريض لا يستوفي الطعام، فكيف نؤاكلهم؟ وبعضهم يقول: بل كانوا يضعون مفاتحهم إذا غزوا عند أهل الضر ويأمرونهم أن يأكلوا، فيتورع أولئك عن الأكل، فنزلت هذه الآية.
وأما البيوت المذكورة فيباح للإنسان الأكل منها لجريان العادة ببذل أهلها الطعام لأهلها، وكل ذلك محكم، وقد زعم بعضهم أنها منسوخة بقوله: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ [البقرة: 188] وليس هذا بقول فقيه.
: قوله تعالى: أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا [الفرقان: 43].
زعم الكلبي أنها منسوخة بآية السيف، وليس بصحيح، لأن المعنى: أفأنت تكون حفيظا عليه تحفظه من اتباع هواه؟ فليس للنسخ وجه (?).
: قوله تعالى: وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً [الفرقان: 63].
قال الحسن في تفسيرها: لا يجهلون على أحد وإن جهل عليهم حلموا، وهذه الآية محكمة عند الجمهور، وقد زعم قوم: أن المراد بها أنهم يقولون للكفار، ليس بيننا وبينكم غير السلام، وليس المراد السلام الذي هو التحية، وإنما المراد بالسلام التسليم، أي: تسلما منكم ومتاركة لكم، كما يقول:
براءة منك؛ أي: لا التبس بشيء من أمرك. ثم نسخت بآية السيف، وهذا باطل، لأن اسم الجاهل يعم المشرك وغيره، فإذا خاطبهم مشرك، قالوا:
السداد والصواب في الرد عليه، وحسن المحاورة في الخطاب لا ينافي القتال، فلا وجه للنسخ.