استغنى في زمنه عن إعطاء المؤلفة قلوبهم، فترك ذلك لعدم الحاجة إليه، لا لنسخه، كما لو فرض أنه عدم في بعض الأوقات ابن السّبيل والغارم ونحو ذلك (?).
2 - وأما اعتبار الناسخ هو قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] (?) فغير صحيح، كما تقدم من كلام شيخ الإسلام؛ وذلك لأن تلك الآية مكية (?)، وأما آية المؤلفة قلوبهم فهي مدنية (?)، ومن شروط النسخ تأخر الناسخ عن المنسوخ (?)، كما أنه لا تعارض بين الآيتين حتى نلجأ للنسخ، وهو لا يكون إلا مع التعارض، فمتى أمكن الجمع فلا نسخ (?).
3 - وأما اعتبار قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ رضي الله عنه: "صدقه تُؤخذ من أغنيائهم فتُرَدّ في فقرائهم " (?) ناسخًا، فمقتضاه نسخ بقية الأصناف من أهل الزكاة، ممن لم يتعرض له الحديث، كالعاملين عليها وابن السّبيل، وهذا باطل، وإنما الحديث لبيان أحد أخبرني مصارف الزكاة وأوصافها التي تختلف بها عن غيرها من الضرائب المالية (?).