الْأَركان بِالْقَلْبِ إِذا كَانَ الذِّهْن وَالْعقل مَعَه فَكَانَ قلب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مشحونا بكنوز الْمعرفَة شحن السَّفِينَة إِذا أثقلت حَتَّى غَابَتْ فِي المَاء إِلَى منطقتها وَكَانَت كنوزه على صنفين عَن الْيَمين أسرار الله وَعَن الْيَسَار سمات الله فالرحمة مَعَ الْأَسْرَار وَالْحق مَعَ السمات وَحب الله أَمَامه جؤجؤ السَّفِينَة وشوق الله لَهُ شراع سفينته وفرحه بِهِ ريَاح الأفراح فَكَانَ إِذا مَشى مَالَتْ بِهِ الصنفات فَمرَّة أثقال أسرار الله تميل بِهِ وَمرَّة أثقال سمات الله تميل بِهِ فَإِذا اسْتَقر قَائِما على الْمِنْبَر أَو قَاعِدا فِي مجْلِس اسْتَقَرَّتْ بِهِ أثقال الْحبّ وَإِذا هبت ريَاح الأفراح وهاج الشوق قَامَ إِلَى الصَّلَاة فقرت عينه فَذَلِك قَوْله (حبب إِلَيّ الصَّلَاة وَقيل لي خُذ مِنْهَا مَا شِئْت وَإِن الله جعل قُرَّة عَيْني فِي الصَّلَاة)

فأثقال الْأَسْرَار مطوية عَن الْخلق إِلَّا عَن أهل جذبت الله الَّذين أدرجهم بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجعلهم قُرَّة عينه فَسَار بهم على طَرِيقه وَجعل سقياهم من مشربه ومرعاهم من ملك الْملك بَين يَدَيْهِ على مائدته تِلْكَ ضِيَافَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقرة عينه فِي عرس الله وَهُوَ بَدْء الربوبية وبدء التَّدْبِير وَتلك حِكْمَة الله وأثقال السمات حَشْو مَا فِي الْأَمْثَال الْعليا والأسماء الْحسنى فَتلك حِكْمَة الْخلق وَالْحق مُوكل بِهَذِهِ وَالرَّحْمَة الْعُظْمَى منهضة بِتِلْكَ فَصَارَ هَذَا الْقلب كسفينة موقرة من كنوز الْمعرفَة مشحونة بِعلم الله محفوفة بآلاء الله تجْرِي فِي بَحر غيب الله وَهُوَ بَحر الذّكر وَهُوَ ذَلِك الْبَحْر الَّذِي من شرب مِنْهُ شربة نسي نَفسه وَلم يلْتَفت إِلَيْهَا إِلَى يَوْم اللِّقَاء وهبوب ريَاح أفراح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015