وَالْإِخْلَاص أَن يلقى وَجهه الْكَرِيم قلبا ويلقاه غَدا فِي الْموقف رُؤْيَة ويلقاه فِي الفردوس نظرا وَذَلِكَ مُنْتَهى المنى
وَالنَّظَر أَكثر من الرُّؤْيَة لِأَنَّهُ يرَاهُ فِي الْموقف رُؤْيَة الديَّان عرضا وقبولا وَجَزَاء وَفِي الفردوس رُؤْيَة الحنان نظرا وبهجة وسرورا وَلَذَّة ثمَّ خَتمه بقوله {ولسوف يرضى} أَي يعْطى حَتَّى يرضى وَإِنَّمَا يعْطى مَا يعقل العَبْد ثمَّ بَين وَرَاء ذَلِك مَا لم يعقله
عَن جَابر بن عبد الله أَظُنهُ رَفعه قَالَ يَقُول الله تَعَالَى يَا أهل الْجنان بَقِي لكم شَيْء لم تنالوه فَيَقُولُونَ وَمَا هُوَ يَا رَبنَا فَيَقُول رِضْوَانِي
فالرضوان آخر مَا ينَال أهل الْجنَّة لَا شَيْء أكبر مِنْهُ ذكر الله جنَّات عدن فِي تَنْزِيله ثمَّ قَالَ {ورضوان من الله أكبر}
فَكل عبد من أهل الْجنَّة حَظه من الرضْوَان هُنَاكَ فِيهَا على قدر جوده بِنَفسِهِ على الله فِي الدُّنْيَا أَلا ترى إِلَى أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة حَيْثُ بَايعُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمَوْت وَكَانَت الْبيعَة تَحت الشَّجَرَة فِي ذَلِك الْوَادي أنزل الله تَعَالَى {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة فَعلم مَا فِي قُلُوبهم فَأنْزل السكينَة عَلَيْهِم وأثابهم فتحا قَرِيبا} الْآيَة
أوجب لَهُم الرضاء فِي بذلة وَاحِدَة بذلوا نُفُوسهم لله تَعَالَى مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكيف بِمن بذل نَفسه فِي جَمِيع عمره لله فَمن أوجب الله لَهُ الرضاء عَنهُ فِي الدُّنْيَا فحظه فِي الْجنَّة الرضْوَان كُله