قَالَ الله تَعَالَى {ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين} فَيكْتب لَهُ أجر العبودة وَلذَلِك قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا أجر لمن لَا حسبَة لَهُ)
فَرب رجل يعْمل أَعمال الْبر على الْعَادة لَا على يقظة العبودة فَلَا يكون لَهُ احتساب وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَمن غشيانك أهلك صَدَقَة) قَالُوا يَا رَسُول الله نأتي شهواتنا ونؤجر قَالَ (أَرَأَيْت لَو وَضَعتهَا فِي حرَام أَكنت توزر) قَالُوا نعم قَالَ (فتحتسبون بِالشَّرِّ وَلَا تحتسبون بِالْخَيرِ)
مَعْنَاهُ إِذا زنى إِنَّمَا قصد قَضَاء الشَّهْوَة فاحتسب على النَّفس بإعطائها منيتها وقضائها شهوتها فَإِذا وَضعهَا فِي حَلَال وَأَرَادَ الْعِفَّة عَن الْحَرَام احتسب بهَا قَضَاء عَن العبودة فَصَارَ ذَلِك مِنْهُ صَدَقَة على أَهله وَلذَلِك قَالَ معَاذ لأبي مُوسَى أَنا أَنَام نصف اللَّيْل وأقوم نصفه فأحتسب نومتي كَمَا أحتسب قومتي فَإِذا نَام العَبْد تلذذا وأتى أَهله تلذذا لم يحتسبها قَضَاء على العبودة بَطل أجره وَبقيت العبودة فِي عُنُقه فلقي الله وَقد خسر أجر العبودة فِي ذَلِك الْوَقْت الَّذِي عطله وَإِذا مَال بِهَذِهِ الشَّهْوَة إِلَى الْحَرَام فَإِنَّمَا يقْضِي عبودة النَّفس وَقد خلقه الله تَعَالَى ليعبده فَقبل مِنْهُ ثمَّ ذهب فَصَبر نَفسه عبدا لنَفسِهِ وشهواته وَذهب بعبودة الله إِلَيْهَا وَلِهَذَا اسْتوْجبَ اللَّعْنَة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ قَالَ