وَالْمُؤمن يغْفل فالكافر نَاس لرَبه وَنَفسه من أَيْن وَإِلَى أَيْن وَالْمُؤمن يتَرَدَّد بَين الغفلات وَالذكر فالمؤمن أَمِين الله فِي أرضه ائتمنه على مَعْرفَته وَوَضعه فِي قلبه وَجعل قلبه خزانَة لَهُ وأمنه عَلَيْهَا بِمَا فِيهَا من كنوز الْمعرفَة ووكله بحراستها من النَّفس الأمارة بالسوء وَمن الْعَدو الْحَاسِد الْقَائِم فِي ظلّ النَّفس يَرْمِي بالشَّيْء بعد الشَّيْء إِلَى النَّفس ينْتَظر مَتى يفترض النَّفس فرصتها من الْقلب وَلَيْسَ أحد أعز على الْملك وَلَا أصفى حبا لَهُ من أَمِينه الَّذِي ائتمنه على جَمِيع الْأَشْيَاء فَإِذا قَامَ العَبْد بِحِفْظ الْأَمَانَة فَهُوَ أَمِين الله فِي أرضه وَإِذا وفى بِالْقيامِ وَصدق الله فِيهِ فعين الله ترعاه وَهُوَ الْمُسْتَحق لاسم الْإِيمَان
قَالَ تَعَالَى {إِن الْمُتَّقِينَ فِي مقَام أَمِين} فَهُوَ وَاحِد الله فِي أرضه فِي كل وَقت وَإِنَّمَا سمي جبرئيل أَمِين الله قَالَ تَعَالَى {عِنْد ذِي الْعَرْش مكين مُطَاع ثمَّ أَمِين}
فَقَالَ أهل التَّفْسِير حل من الْأَمَانَة محلا أَن يدْخل سبعين ألف حجاب من نور بِغَيْر إِذن وائتمنه الله على وحيه فبرز اسْمه فِي السَّمَوَات بِأَنَّهُ أَمِين وَاسْتحق دُخُول الْحجب بِلَا إِذن وَفِي كل حجاب سر وَلذَلِك تَجِد مُلُوك الدُّنْيَا لَا يُطلق الدُّخُول لأحد بِغَيْر إِذن مَتى شَاءَ إِلَّا لمن ائْتمن على أسرار مَا فِي وَرَاء الْحجاب