مصيفهم ويعد لَهُم لكل لَيْلَة مأوى قبل هجومه ويفر بهَا عَن مراتع الهلكة ويجنبها الْأَرْضين الوبئة ويحرسها من السبَاع ويحوطها عَن الشذوذ وَيلْحق شذاذها وَيجْبر كسيرها ويداوي مريضها وَيجمع رسلها من الألبان وَالصُّوف لرب الْغنم فَهَذَا رَاع نَاصح لمَوْلَاهُ وأجره موفور عَلَيْهِ يَوْم الْجَزَاء ومتوقع من رب الْغنم أفضل هَدِيَّة على قدر ملكه

فالرسول عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ راعي الْخلق والخلق غنمه بعث ليرعاهم فشرع لكل خَارِجَة فِي واديها مَاذَا تباشر وماذا تجتنب فأحل من كل خَارِجَة بَعْضًا وَحرم بَعْضًا وأوردهم من الْمِيَاه أصفاها وَهُوَ الْعلم الصافي وهيأ لَهُم المشتى والمصيف وَهُوَ الاستعداد فِي الْحَيَاة وَأَيَّام الصِّحَّة وَالْقُوَّة قبل الْهَرم وَالْمَرَض قبل الْمَوْت وَأعد لَهُم المأوى فَبين لَهُم عِنْد حُدُوث الْفِتَن كالليل المظلم إِلَى أَيْن يأوون وبمن يعتصمون ويعزلهم عَن مراتع الهلكة وَهِي الشَّهَوَات الدُّنْيَوِيَّة المشوبة بالحرص ويجنبهم الأَرْض الوبئة وَهِي الأفراح الَّتِي تحل بِالْقَلْبِ مِنْهَا فيوبأ ويمرض مِنْهَا الْقلب ويحرسهم عَن الشذوذ مَخَافَة الذئاب وَهُوَ الْعَدو وَيجْبر كسيرهم إِذا وَقَعُوا فِي الْمعاصِي ويدعوهم إِلَى التَّوْبَة ويعينهم عَلَيْهَا حَتَّى يجْبر كسيرهم ويداوي مريضهم وَهُوَ أَن يعظ مفتونهم حَتَّى يخلصهم بالمواعظ من فتن النُّفُوس وَيحمل بهماتهم وَهُوَ أَن يَدْعُو لَهُم ويستغفر لَهُم وَيسْأل الله تَعَالَى قبُول أَعْمَالهم فَهَذَا رَاع

وَهُوَ مَعَ ذَلِك أَمِير يؤدبهم ويحملهم على المكاره ويسوقهم ويسير بهم بِسَوْط الْأَدَب على مشارع الاسْتقَامَة ليوافي بهم الْموقف بَين يَدي الله عز وَجل فَكل رَاع إِلَّا وَمَعَهُ عَصا يهش بهَا على الْغنم ويؤدبهم بهَا وَقد ذكر سُبْحَانَهُ عَصا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي تَنْزِيله فَكل رَاع مُؤْنَته على قدر غنمه وكل أَمِير مُؤْنَته على قدر رَعيته فالأمير الْمَبْعُوث إِلَى كورة مُحْتَاج على قدر ولَايَته إِلَى آلَة الْولَايَة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015