فَإِذا جَاءَ مَوضِع الصَّبْر تصبر وعزم عَلَيْهِ فوشيكا يَجِيئهُ العون من الله تَعَالَى فَوجدَ الْيُسْر فِي أمره فَذَاك عون الله تَعَالَى فَإِنَّهُ قبل ذَلِك يدْخل فِي الْأُمُور مَعَ الْجهد لِأَن النَّفس تأبى ذَلِك فَدخلت فِيهِ بإكراه صَاحبهَا لَهَا على ذَلِك فَجَاءَهُ العون من الله تَعَالَى فيسر عَلَيْهَا وعَلى ذَلِك دلّ عباده {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين}

أمره بِالْعبَادَة وسؤال العون لِأَنَّهُ أعطي الْقُوَّة على الْقيام بِمَا أمره إِلَّا أَن النَّفس تَدْعُو إِلَى خلاف ذَلِك فَجَاءَت شهواتها تُرِيدُ أَن تغلب الْقلب على مَا أَمر فَاحْتَاجَ عِنْد مجاهدة النَّفس إِلَى عون من الله تَعَالَى وَهُوَ نور على الْقلب يَسْتَنِير الْإِيمَان ويمتزج بِهِ فيقوى الْقلب وتذل النَّفس وتخمد شهواتها فتذل النَّفس

فَيَنْبَغِي للْعَبد أَن يقوم على كل أَمر أَمر بِهِ وَأَن يَنْتَهِي عَن كل نهي نهي عَنهُ بِمَا أعطي من الْعلم وَالْعقل وَالْإِيمَان وَذَلِكَ مَعَ جهد شَدِيد ينْتَظر العون من الله تَعَالَى وَلَا يلقِي بِيَدِهِ للتهلكة فَإِذا العون من الله تَعَالَى يَجِيء وييسر عَلَيْهِ كل ذَلِك فَإِن الله تَعَالَى لم يَأْمُرنَا بِأَن نقُول {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} ثمَّ يحبس عَنَّا العون وَقَالَ الله تَعَالَى {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسرا}

وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (لن يغلب عسر يسرين)

فاليسر الأول هُوَ مَا أعطي العَبْد من الْآلَة والمعرفة وَالْعلم وَالْقُوَّة فلولا النَّفس الَّتِي يحارب صَاحبهَا بِدفع مَا تُرِيدُ لَكَانَ الْأَمر قد تمّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015