وَإِنَّمَا يكون من أهل التبوئة من بوأ لذكره على طَرِيقه صافيا غير مغشوش صادر من إِيمَان غير مغشوش وَلَا سقيم وسقمه أَن يمازجه شَهْوَة النَّفس حَتَّى تميل بِهِ عَن الله تَعَالَى وتثقله عَن أمره وتلهيه عَن ذكره قَالَ تَعَالَى {لَا تلهكم أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم عَن ذكر الله}
إِذْ الْإِيمَان هُوَ طمأنينة الْقلب إِلَى الله تَعَالَى فِي كل أَمر فَإِذا آمن بِهِ على الْجُمْلَة ثمَّ مَال يَمِينا وَشمَالًا لِيَطمَئِن إِلَى الْخلق والأسباب فَذَلِك غش الْإِيمَان إِذْ خلط بِهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ فَأَما الْأَنْبِيَاء والأولياء عَلَيْهِم السَّلَام قد اطمأنوا إِلَيْهِ يراقبون مَا يخرج من حجب الْغَيْب من مَشِيئَته وتدبيره فيقبلون مِنْهُ اهتشاشا وتسارعا لمشيئآته وَأَحْكَامه قد أخبتوا لَهُ وانخشعت نُفُوسهم لِأَن شهواتهم قد مَاتَت من هَيْبَة جَلَاله تَعَالَى وتقدس فالمستحقون للذّكر هم أهل الذّكر وهم الَّذِي ذكرهم الله تَعَالَى بِحَقِيقَة الذّكر وَهُوَ أَن لَا يبْقى على قلبه مَعَ ذكره فِي ذَلِك الْوَقْت ذكر نَفسه وَلَا ذكر مَخْلُوق فَذَاك الذّكر الصافي الَّذِي لَا غش فِيهِ
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (يَقُول الله عز وَجل من شغله ذكري عَن مَسْأَلَتي أَعْطيته أفضل مَا أعطي السَّائِلين) هَذَا فِيمَن شغله ذكر الْخَالِق فَكيف بِمن شغله الْخَالِق بأنسه هَذَا فِيمَن شغله الْخَالِق بأنسه فَكيف بِمن شغله الْخَالِق بجلاله وجماله وَكَيف بِمن شغله الْخَالِق فِي فردانيته بِنَفسِهِ فِي وحدانيته وهم الَّذين أَشَارَ إِلَيْهِم عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ (سِيرُوا فقد سبق المفردون) قيل يَا رَسُول الله من المفردون