فِيمَا يَحْكِي عَن ربه عز وَجل أَنه قَالَ يَا مُوسَى إِنَّه لن يتصنع المتصنعون بِمثل الزّهْد فِي الدُّنْيَا وَلنْ يتَقرَّب المتقربون بِمثل الْوَرع عَمَّا حرمت عَلَيْهِم وَلم يعبدني العابدون بِمثل الْبكاء من خَشْيَتِي فَأَما الزاهدون فأبيحهم الْجنَّة حَتَّى يتبوؤا مِنْهَا حَيْثُ شَاءُوا وَأما الورعون عَمَّا حرمت عَلَيْهِم فَإِنَّهُ لَيْسَ من عبد يلقاني يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا ناقشته الْحساب وفتشته عَمَّا فِي يَدَيْهِ إِلَّا مَا كَانَ من الورعين فَإِنِّي أَجلهم وَأكْرمهمْ وأدخلهم الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَأما البكاءون من خَشْيَتِي فَلهم الرفيق الْأَعْلَى لَا يشركُونَ فِيهِ
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (الْوَرع سيد الْعَمَل)
وَمن لم يكن لَهُ ورع يردهُ عَن مَعْصِيّة الله تَعَالَى إِذا خلا بهَا لم يعبأ الله بِسَائِر عمله شَيْئا فَذَلِك مَخَافَة الله فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة والاقتصاد فِي الْفقر والغنى والصدق عِنْد الرضى والسخط أَلا وَإِن الْمُؤمن حَاكم لنَفسِهِ يرضى للنَّاس مَا يرضى لنَفسِهِ وَهَذِه الْخِصَال لَا تكون إِلَّا لأهل الْقُلُوب
وَقَالَ أنس رَضِي الله عَنهُ مَا أعرف الْيَوْم فِيكُم شَيْئا كنت عهدته على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبس قَوْلكُم لَا إِلَه إِلَّا الله
فصلاح الْقلب صَلَاح الْجَسَد وعمارته عمَارَة دينه
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (من كَانَ لَهُ قلب صَالح تَحَنن الله عَلَيْهِ)
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (بالقلوب الصَّالِحَة يعمر الله الأَرْض وَبهَا يخرب الأَرْض إِذا كَانَت على غير ذَلِك)