أم هَل سَمِعت بِنَبِي أذْنب فَلم تقبل تَوْبَته أم مَاذَا تَقول لِرَبِّك يَوْم الْقِيَامَة وَقد قتلت نبيه وأباك ووطئت فرَاشه وَمَا وَجه من قتل أَبَا نَبيا ونكح أمه مَا أعلم يقبل مِمَّن فعل هَذَا صرف وَلَا عدل فَإِن كَانَ لَا محَالة أَنْت ضَابِط هَذَا الْملك وَبِمَا أَجمعت عَلَيْهِ من عقوق أَبِيك وخلعه فَلَا تطلبه وَلَا تقتله فَإِن كَانَ الله تَعَالَى قد أذن بفنائه فَمَا أَكثر معاريض الْبلَاء الَّتِي تكفيك ذَلِك مِنْهُ وَإِن كَانَت لَهُ مُدَّة وحياة يستكملها ألفيتك لم تأثم بِرَبِّك وَلم تفرط بوالدك
فَقَالَ الرَّأْي رَأْيك وَمَا أسمعك عرضت بغش وَلَا ادخرت نصيحة وَأَنا متابعك على مَا فِي قَلْبك وكاف عَن دَاوُد مَا كف عني فَإِن قاتلني حميت نَفسِي مَخَافَة أَن يظفر فَيَقْتُلنِي فَقَالَ لَهُ الرجل إِن دَاوُد لن يقاتلك حَتَّى يقبل الله تَوْبَته وَيَأْذَن لَهُ لِقِتَالِك وَإِن ظفر بك أحياك وأمنك فَإِنَّهُ أعظم حلما وأوسع عفوا من أَن يقتل وَلَده
ولبث دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام من يَوْم خرج إِلَى أَن رَجَعَ إِلَى ملكه سنتَيْن وَانْقطع الْوَحْي فَلَمَّا رد الله تَعَالَى إِلَيْهِ ملكه سرح ابْن أُخْته وَهُوَ أَمِير جنده فَأمره أَن يدْخل الْمَدِينَة ثمَّ يَدْعُو إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام ويخبر بني إِسْرَائِيل أَن الله تَعَالَى قد قبل تَوْبَته ورد إِلَيْهِ ملكه فَاتَّبعُوهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُم انحازوا إِلَى ابْنه وكرهوا أَن ينْظرُوا إِلَى وَجه دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بعد الَّذِي كَانَ مِنْهُم فَاسْتَقْبلُوا فَقَاتلُوا قتالا شَدِيدا حَتَّى قتلوا وكف ابْن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَلم يُقَاتل حَتَّى قتل أَصْحَابه
ثمَّ إِنَّه هرب حَيَاء من أَبِيه وَأَن لَا يرى أَبوهُ وَجهه فَتَبِعَهُ ابْن أُخْت دَاوُد وعهد إِلَيْهِ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وحذره أَن يقْتله وَقَالَ لَهُ إياك أَن تقتله فَإِنِّي قَاتلك بِهِ إِذا خَالَفت أَمْرِي فَإِنَّهُ أعز وَلَدي عَليّ ابتلاني الله تَعَالَى بِهِ ليذلني وينقمني بذنبي ويهينني بخطيئتي وَينْزع ملكي ثمَّ تداركني عَفوه وَرَحمته فَعَفَا عني وَقبل مني وَقبل