ملْء بلدته رجَالًا يهابهم النَّاس هَيْبَة سوء الْخلق لَا هَيْبَة الْحق والخشية هم الأنتنون لأَنهم فِي نَتن من الْأُمُور ودناءة وصدورهم أنتن من أُمُورهم لأَنهم يموتون على الدُّنْيَا عشقا همتهم هواهم وَدينهمْ مُنَاهُمْ وتبعهم غواة وهم من الصدْق عُرَاة قد ملكوا الْقُلُوب بتصنعهم وريائهم وهجروا الْخلق من أجل دنياهم كَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ضعوها حَتَّى نرفعها وتخلوا عَنْهَا حَتَّى نملكها
رُوِيَ فِي الْخَبَر أَن الله تَعَالَى يَقُول لتارك الدُّنْيَا زهدت فِي الدُّنْيَا رَاحَة تعجلتها وَيَقُول للعابد عبدتني فحملك الْعباد فَوق رؤوسهم هَل فِي وليا أَو عاديت فِي عدوا وَعِزَّتِي لَا ينَال رَحْمَتي من لم يوال فِي وَلم يُعَاد فِي
وصنف آخر تصنعوا لِلْخلقِ بزِي أهل المسكنة والفقر من حسن اللابس وَطول القلانس وطرة اللحى وصف الشَّوَارِب ليتمكنوا فِي صُدُور الْمجَالِس وليستدروا الحطام من الشَّيَاطِين والأبالس
فالمتمسك بِسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ظُهُور هَذَا كالقابض على الْجَمْر لِأَن هذَيْن الصِّنْفَيْنِ قد تمكنوا من صُدُور الْخلق لغَلَبَة الْجَهْل فهم الْمُقْتَدِي بهم والمنظور إِلَيْهِم فهم عِنْد الْخلق عُلَمَاء وَفِي الملكوت جهال
قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لَا يقبض الْعلم ينتزعه إنتزاعا من قُلُوب النَّاس وَلَكِن يقبض الْعلمَاء فَإِذا مَاتُوا إتخذ النَّاس رُؤَسَاء جُهَّالًا فسئلوا فأفتوا بِغَيْر علم فضلوا وأضلوا