وتزكية قُلُوب الْمُقْتَصِدِينَ بِنور الْإِنَابَة فَإِنَّهُ إِذا أناب العَبْد استنار قلبه بنوره فَأخْرجهُ من سكر الظَّالِمين فأفاق فخاف الْعقَاب وَرَجا الثَّوَاب وَأبْصر الْآخِرَة حَتَّى صَارَت نصب عَيْنَيْهِ

وتزكية قُلُوب المقربين نور الْقرْبَة فَأحرق الشَّهَوَات وامتلأ الْقلب من نور التَّوْحِيد وأشرق الصَّدْر بنوره فأيقظه من نومَة الغافلين فانتبه وَفِي المقربين قوم مصطفون مجتبون هم خَاصَّة المقربين وهم المحدثون فتزكية قُلُوبهم نور وَجهه الْكَرِيم فهم فِي قَبضته يتصرفون

فالظالمون علانيتهم أكبر من سريرتهم وَهُوَ الْجور

والمقتصدون اسْتَوَت سريرتهم وعلانيتهم وَهُوَ الْعدْل

والمقربون فضلت سريرتهم علانيتهم فللحظة من سرائرهم أعظم من أَعمال الثقلَيْن عمر نوح عَلَيْهِ السَّلَام

قَالَ إِبْنِ مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ إِن الرجل من هَذِه الْأمة يبلغ عمله يَوْمًا وَاحِدًا مَا يكون أثقل من سبع سموات وَسبع أَرضين فِي الْوَزْن

وَنظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جبل أحد فَقَالَ رب رجل من أمتِي يعدل الْحَرْف الْوَاحِد من تَسْبِيحَة هَذَا الْجَبَل

وَقَوله أَن يعلم أَن الله مَعَه حَيْثُ مَا كَانَ فَهَذِهِ تَزْكِيَة النُّفُوس وَهَذَا الْعلم علم الْإِنَابَة فَإِنَّهُ إِذا أناب استنار فَبَقيَ خَوفه مَعَه فقيده عَن الْمعاصِي سرا وجهرا وَهُوَ علم الْقلب الَّذِي قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَاك الْعلم النافع والظالم إِنَّمَا يعلم علم إِيمَان أَن الله تَعَالَى مَعَه ثمَّ لَا تَأْخُذهُ مَخَافَة هذاالعلم حَتَّى يُقَيِّدهُ عَن الْمعاصِي سرا وجهرا فَذَاك هُوَ الْعلم الَّذِي قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ علم اللِّسَان وَأما المقرب فَعلمه علم يُقَارب المعاينة قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015