فِي قُلُوبهم لما فِيهَا من الْحَلَاوَة واللذاذة بِقرب الله تَعَالَى لِأَن النُّور لما اشتعل فِي صُدُورهمْ بعد امتلاء الْقلب مِنْهُ وأحرقت شهوات النَّفس ومناها وَصَارَ الصَّدْر مستنيرا من نور الْقلب وَشرح الله صَدره بِالْإِسْلَامِ لم يبْق فِي النَّفس غل وَلَا كزة وَلَا مرَارَة وَلَا عسر انْتَبَهت النَّفس عَن نومتها وَخرجت من مشيئتها وأفاقت عَن سكرتها فَصَارَت مَشِيئَة الله تَعَالَى عِنْدهَا أحلى من مَشِيئَته وَصَارَ بدل المرارة حلاوة وَعوض الْعسر غنى فَأَيْنَ مَا برزت مَشِيئَته فِي شَيْء من حجب غيبه وقفت قُلُوبهم عِنْد مَشِيئَته وهم الصادقون فِي قَوْلهم مَا شَاءَ الله كَانَ
فَصَبر المخلطين صَبر إِيمَان محشو بالجزع وصبر الْمُقْتَصِدِينَ رِضَاء مَعَ كزة النَّفس وصبر المقربين رِضَاء الْقلب ورضاء النَّفس لِأَنَّهُ قد انْكَشَفَ لَهُم أَنه قد أوصلهم إِلَى أشرف الْأَشْيَاء لعطفه ورأفته وَهُوَ مَعْرفَته فَلم يتهموه بعد ذَلِك فِي حَال من أَحْوَال نُفُوسهم فَكيف مَا دبر لَهُم من مَحْبُوب أَو مَكْرُوه وَقع ذَلِك مِنْهُم موقع بر وَرَحْمَة وَعطف ورأفة كَمَا قَالَ معَاذ رَضِي الله عَنهُ حِين اشْتَدَّ بِهِ النزع فِي الطَّاعُون فيغشي عَلَيْهِ ثمَّ يفِيق فَيَقُول اخنقني خنقك رب فوعزتك لَا تزداد بذلك عِنْدِي إِلَّا حبا
وَكَانَ الرّبيع بن خَيْثَم رَضِي الله عَنهُ رُبمَا خرج إِلَى صلَاته فِي مَرضه فَغشيَ عَلَيْهِ فيجده إخوانه صَرِيعًا فِي الطَّرِيق فيرشون عَلَيْهِ المَاء حَتَّى يفِيق فَيَقُول يَا رب غط مَا شِئْت أَن تغط فوعزتك لَا تزداد بذلك عِنْدِي إِلَّا حبا فَيُقَال لَهُ إِنَّك لفي سَعَة أَن لَا تكلّف نَفسك هَذَا فَيَقُول فَكيف بِهَذَا الَّذِي يُنَادي حَيّ على الصَّلَاة لَا أقدر أَن لَا أُجِيبهُ