إِلَى عَليّ كرم الله وَجهه وَمِنْهُم من اتَّخذهُ رَبًّا فَدخل عَلَيْهِ فَقَالَ أَنْت رَبِّي فَقَامَ عَليّ فوطئه بقدمه حَتَّى قَتله وَأحرقهُ بالنَّار
وَمِنْهُم من أبدعوا من تِلْقَاء أنفسهم بدعا فازالت بهم تِلْكَ الْبدع حَتَّى أدتهم إِلَى الْخُرُوج على عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَإِلَى حربه وهم الْخَوَارِج وَأهل حروراء
وَقوم قد تزهدوا بِغَيْر علم فأداهم الْجَهْل إِلَى أَن أبدعوا من تِلْقَاء أنفسهم بدعا وَحَسبُوا أَن الزّهْد فِي الدُّنْيَا تجنب الْأَشْيَاء فعلا وَالْعُزْلَة من أهل الدُّنْيَا فضيعوا الْحُقُوق وَقَطعُوا الْأَرْحَام وجفوا الْخلق واكفهروا فِي وُجُوه الْأَغْنِيَاء وَفِي قُلُوبهم من شَهْوَة الْغنى أَمْثَال الْجبَال الشامخات وَلم يعلمُوا أَن أصل الزّهْد موت الشَّهَوَات من الْقلب فَلَمَّا اعتزلوها بالجوارح اكتفوا بِهِ وَحَسبُوا أَنهم استكملوا الزّهْد حَتَّى تأدى بهم الْجَهْل إِلَى أَن طعنوا فِي الْأَئِمَّة الَّذين عرفُوا بسعة المعاش وَكَثْرَة المَال حَتَّى عابوا الْأَنْبِيَاء وطعنوا على سُلَيْمَان عَلَيْهِم السَّلَام
وَقوم زَعَمُوا أَنهم توكلوا على رَبهم وَأَن الطّلب شكّ وَأَن الرزق يَأْتِي فِي وقته فقعدوا رفضا للطلب والمكسب فضيعوا الأهلين وَالْأَوْلَاد فِي خلال ذَلِك يتدنسون فِي أَبْوَاب المطامع ويخادعون الله تَعَالَى فِي مُعَامَلَته
وَقوم اتَّخذُوا الْعلم الَّذِي هُوَ حجَّة الله تَعَالَى على عباده حِرْفَة وصيروها مأكلة فأكدوا بهَا رياستهم واحتظوا بِهِ من الْقُلُوب وصحبوا بهَا الْمُلُوك ختلا لما فِي أَيْديهم من الحطام فلينوا لَهُم فِي القَوْل طَمَعا لما فِي أَيْديهم وداهنوهم لما يرجون من نوالهم وساعدوهم على تجبرهم وجورهم