وإيصاله إِلَيْهِ فَيَأْخذهُ من أثقال ذَلِك من الخجل مَا يَأْخُذهُ مِمَّن أهدي إِلَيْهِ نعما كَثِيرَة كرات ومرات ودفعات
وَحَقِيقَة التَّوْبَة أَن يرى إباقه من مَوْلَاهُ فَيرجع إِلَيْهِ بندم واعتذار ووجل وحياء فيعزم على التوطن عِنْده بَين يَدَيْهِ أَشد من عزم من أبق من الْآدَمِيّ وَقد أحسن إِلَيْهِ كل الْإِحْسَان ومناه الْعتْق وَالْبر واللطف فَلَمَّا عَاد إِلَيْهِ تأسف على نَفسه تلظيا من فعله وَثقل عَلَيْهِ أَن يتَرَاءَى لَهُ من شدَّة مَا يعلوه من الْحيَاء فَهُوَ يتستر مِنْهُ بِكُل شَيْء ويتوطن أَن لَا يُفَارِقهُ إِلَى الْمَمَات
وَحَقِيقَة الدُّعَاء أَن يسْأَله سُؤال من احضر قلبه كَمَا أحضر بدنه بتضرع وسؤال مُضْطَر فَقير وجد إِذن دُخُول على ملك عطوف رَحِيم
فَإِذا عَامل العَبْد مَعَ الله فِي هَذِه الْخِصَال الْأَرْبَع على غير مَا وَصفنَا فَيُشبه ذَلِك فعل السَّكْرَان والنائم
وقولهما وَلَا يعبأ عِنْد الْعُقَلَاء بفعلهما وَلَا قَوْلهمَا فالمخلط سَكرَان والمستقيم وَهُوَ الْوَرع نَائِم وَإِنَّمَا يفوز بِهَذِهِ الخطة الْعَظِيمَة المتنبهون عَن الله تَعَالَى مزق شعل أنوار الله حجب قُلُوبهم ثمَّ أحرقها فانحسر الْقلب لأمر عَظِيم فَصَارَت هَذِه الْأَرْبَع كلهَا عطاياه فاعطي الاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة وَالشُّكْر وَالدُّعَاء
فاما من دون هَؤُلَاءِ أمروا أَن يَتَطَهَّرُوا من الأوساخ والأدران الَّتِي على قُلُوبهم حَتَّى يُعْطوا النُّور فَتكون هَذِه الْأَرْبَع لَهُم عَطاء على الْحَقِيقَة فيجابوا إِلَى مَا وعدوا لِأَن الله تَعَالَى لم يعد إِلَّا على الْحَقِيقَة والحقيقة هِيَ بُلُوغ الصّفة الَّتِي رسم الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ فِيمَا بَينهم فَمن دَعَا حَقًا واستغفر حَقًا وشكر حَقًا وَتَابَ حَقًا يُجَاب