السّتْر فَإِذا عَملهَا تبَاعد عَنهُ وَبَقِي العَبْد عَارِيا من الْبَهَاء والجلال والشرف فَإِن أصر لم يَزْدَدْ إِلَّا ضعة ودنسا وَلم يَزْدَدْ السّتْر إِلَّا بعدا ونزاهة عَنهُ فَإِذا نَدم رَجَعَ إِلَيْهِ بِقَلْبِه فمدن هُنَاكَ أَي أَقَامَ واقامة عزمه أَن لَا يبرح عَن مقَام الطَّاعَة فَإِذا سَأَلَ الْمَغْفِرَة قَالَ استغفرك أَي أَسأَلك أَن ترد عَليّ السّتْر فَيصير فِي ذَلِك النُّور مَسْتُورا وبدو ذَلِك من آدم عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ لِبَاسه ستره وَهُوَ النُّور فَلَمَّا عصى انْكَشَفَ النُّور وعري فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {ينْزع عَنْهُمَا لباسهما ليريهما سوآتهما} وَقَوله تَعَالَى فوسوس لَهما الشَّيْطَان ليبدي لَهما مَا ووري عَنْهُمَا من سوآتهما
قَالَ جعل على عَورَة كل وَاحِد مِنْهُمَا نور فَلَا يرى وَاحِد مِنْهُمَا عَورَة الآخر وَقد جعل الله تَعَالَى لهَذِهِ الْجَارِحَة من الْآدَمِيّ شَأْنًا عجيبا لِأَنَّهُ أَدَاة الذُّرِّيَّة فِي صلبه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة والصلب بَاب الذُّرِّيَّة والفرج أَدَاة الشَّهْوَة وَلِهَذَا سَأَلَ دَاوُد سُلَيْمَان عَلَيْهِمَا السَّلَام عَن كَلِمَات أَن من اخبره بهَا وَرثهُ الْعلم والنبوة فَمن جملَته قَالَ لَهُ أَيْن بَاب الشَّهْوَة مِنْك قَالَ الْفرج فَقَالَ أَي بَاب الذُّرِّيَّة مِنْك قَالَ الصلب
وَعَن عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أول مَا خلق الله تَعَالَى من الْإِنْسَان فرجه فَقَالَ هَذَا أَمَانَة خبأتها عنْدك فَلَا تبسل مِنْهَا شَيْئا إِلَّا بِحَقِّهَا
وَقد خلق الله تَعَالَى آدم ليذرأ من صلبه هَذَا الْخلق فَجعل مُبْتَدأ خلقه من الْموضع الَّذِي يذرأ مِنْهُ الْخلق ثمَّ جعل الْحَيَاة فِي الْقلب وَجعل هَذِه الآداة ركنا من أَرْكَان الْقلب وَمِنْه ينشىء الرّيح فيقويه ليقدر على اسْتِعْمَاله فبروح الشَّهْوَة يقوى وَيقدر على الِاسْتِعْمَال وخبأها