بصنوف مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مشحونة ثمَّ صيرهم يَبْتَغُونَ من فضل الله تَعَالَى فِي هَذِه الْأَشْيَاء بتغيير الأسعار فَإِن الله تَعَالَى هُوَ المسعر وَهُوَ الْقَابِض والباسط فبتغيير الأسعار يتناولون الأرباح ويدر عَلَيْهِم الشَّيْء بعد الشَّيْء وَيكون ذَلِك معاشا لَهُم تفضل الله تَعَالَى عَلَيْهِم بِهِ فَأهل الْغَفْلَة صيروا هَذِه الرَّحْمَة وبالا على أنفسهم بتعلق قُلُوبهم بالأسباب وغفلتهم عَن الْمُدبر لَهَا والسائق أَرْزَاقهم إِلَيْهِم من فَضله فالناطق بِهَذِهِ الْكَلِمَات بَين أُولَئِكَ الْغَفْلَة فِي هَذَا الْحَظ من ربه فتكتب لَهُ الْحَسَنَات وتمحى عَنهُ السَّيِّئَات وترفع لَهُ الدَّرَجَات
قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَاكر الله فِي الغافلين كالشجرة الخضراء فِي السّنة الْحَمْرَاء
وَهَذَا لِأَن الْعَدو قد انتهز الفرصة من أهل الْأَسْوَاق لما رأى من أَحْوَالهم من حرصهم وشحهم ورغبتهم فِي الدُّنْيَا وصيرها عدَّة وسلاحا لفتنته فَدَخَلُوا أسواقهم وهم طالبون للمعاش وَالرَّغْبَة فيهم حَاصِلَة والحرص كامن فنصب كرسيه فِي وسط أسواقهم وركز رايته وَبث جُنُوده وَقَالَ دونكم من رجال مَاتَ أبوهم وأبوكم حَيّ فَمن بَين مطفف فِي كيل وطائش فِي ميزَان ومنفق سلْعَة بِالْحلف الْكَاذِب وَحمل عَلَيْهِم بجُنُوده حَملَة فَهَزَمَهُمْ عَن مقاومهم إِلَى المكاسب الرَّديئَة وإضاعة الصَّلَوَات وَمنع الْحُقُوق فَمَا داموا فِي هَذِه الْغَفْلَة على مثل هَذِه الْأَحْوَال فهم على خطر من رَبهم من نزُول الْعَذَاب وَتغَير الْأُمُور وَكَون الْأَحْدَاث فالذاكر فِيمَا بَينهم يرد سخط الله تَعَالَى ويطفىء ثَائِر غَضَبه لِأَن فِي كَلِمَاته هَذِه نسخا لتِلْك الْأَعْمَال قَالَ تَعَالَى وَلَوْلَا دفع الله النَّاس بَعضهم بِبَعْض لفسدت الأَرْض
فَيدْفَع عَن أهل الْغَفْلَة بالذاكرين وَعَن غير الْمُصَلِّي بالمصلين وَفِي