على غير حد الْأَمَانَة فَأَنت فِي هَذَا اللؤم من الْفرق الى الْقدَم حَتَّى تَأْخُذهُ على سَبِيل أَنه مَاله ائتمنك عَلَيْهِ لتصرفه فِي نَوَائِب حُقُوقه
فَأول حُقُوقه نَفسك وَعِيَالك ثمَّ أرحامك وجيرتك ثمَّ نَوَائِب الْحق الَّتِي تنوبك وَاحِد على اثر وَاحِد وَهُوَ قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ سُئِلَ فَقيل يَا رَسُول الله إِنِّي أصبت دِينَارا قَالَ أنفقهُ على نَفسك قَالَ أصبت آخر فَلم يزل يَقُول أصبت آخر وَهُوَ يَأْمُرهُ بصرفه فِي وَجه حَتَّى كَانَ فِي السَّابِعَة قَالَ أصبت آخر قَالَ أنفقهُ فِي سَبِيل الله وَذَلِكَ أخسهن وأدناهن أجرا فَإِذا تناولته على حرص وشره تناولته لغير الله فاحرازك لؤم ودناءة وظلمة يعود على الْقلب ودنس على الْفُؤَاد وسقم فِي الْإِيمَان وسم فِي الطَّاعَات وَلذَلِك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا سلمَان قل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك صِحَة فِي إِيمَان
فَهَل يَأْمُرهُ بسؤال الصِّحَّة فِي الْإِيمَان إِلَّا من سقم لِأَنَّهُ رأى فِي سلمَان مَا قَالَ إِن النَّفس إِذا أحرزت قوتها اطمأنت فَمن كَانَت نَفسه مطمئنة بالأحوال فَهَذَا سَبيله وَمن كَانَت نَفسه مطمئنة بربه فَلَو أعْطى الدُّنْيَا إِلَيْهَا كلهَا لم يلْتَفت إِلَيْهَا وَكَانَ عَيناهُ إِلَى ربه وسكونه إِلَيْهِ وَكَانَ فعل أبي بكر رَضِي الله عَنهُ يدل على أَنه مِمَّن هُوَ بِهَذَا مَوْصُوف وَرُوِيَ لنا أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ تَلا هَذِه الْآيَة بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية}