قَالَ الله تَعَالَى إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله أُولَئِكَ يرجون رَحْمَة الله وَالله غَفُور رَحِيم حقق رجاءهم وَأخْبر أَنهم صدقُوا فِي الرَّجَاء ثمَّ وعدهم الْمَغْفِرَة
وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم أر لي فضلا عَلَيْكُم إِلَّا بِالنُّبُوَّةِ كفى بهَا فضلا وَلَا ينَال مَا وصف إِلَّا بِالْأَعْمَالِ والأعمال إِنَّمَا تقوم ويعظم خطرها بِالنِّيَّاتِ وَالنِّيَّة بدؤها من الْإِيمَان يَبْدُو لَهُم من إِيمَانهم ذكر الطَّاعَة فينهض قُلُوبهم إِلَى الله تَعَالَى من مُسْتَقر نُفُوسهم وَالنِّيَّة النهوض يُقَال ناء ينوء إِذا نَهَضَ فنهوض الْقلب من مَعْدن الشَّهَوَات إِلَى الله تَعَالَى بِأَن يعْمل طَاعَة هُوَ نِيَّة فَأَما أهل الْيَقِين فقد جاوزوا هَذِه الْمنزلَة فَإِنَّهُ زايلت قُلُوبهم نُفُوسهم وَصَارَت مَعَ الله تَعَالَى وَقد فرغوا من النِّيَّة فَمن كَانَ قلبه بَين يَدي الله تَعَالَى محَال أَن يُقَال لَهُ نَهَضَ قلبه إِلَى الله فِي أَمر فَإِن قلبه ناهض إِلَيْهِ بِمرَّة وَاحِدَة وَاقِف بَين يَدَيْهِ نهوضا لَا يرجع وَلَا ينْصَرف إِذْ قد نقض الوطن وارتحل إِلَى الله تَعَالَى ويعملون وَقُلُوبهمْ هُنَاكَ وافقة بَين يَدي الله تَعَالَى فِي جلال الله وعظمته باهتين سكارى وَمَا هم بسكارى فارتفع أَعمال هَؤُلَاءِ من الَّذين ينهضون بقلوبهم فِي ذَلِك الْعَمَل لله عز وَجل ويريدونه بِهِ وهم المقتصدون فتفاوتت لذَلِك مُدَّة جوازهم على الصِّرَاط