صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبرها وَيكرم أحوالها فَوَافَقت هديته سَعَة الوجد مِنْهُ وَكَانَ قلبه وَاسِعًا وَأَعْطَاهَا ملْء الْكَفّ ذَهَبا ليعلم من بلغه ذَلِك وَمن عاينه أَن لَا قدر للدنيا عِنْده وَلِأَن للبر أثقالا فالكريم لَا يكَاد يتَخَلَّص من تِلْكَ الأثقال إِلَّا بأضعاف ذَلِك الْبر فَإِذا ضاعف فِي الْمُكَافَأَة انحطت عَنهُ أثقال بره وَذهب عَنهُ وَجل نَفسه

وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحلي بهَا يَا بنية رخصَة لَهَا فِي الْحِلْية وَأَنَّهَا حق وَأَنه يجوز أَن يُقَال لولد غَيره يَا بني والمكافأة حق من الْحُقُوق وكل أحد يكافىء على قدره من خلقه وسعته وَلم يكن يَخْلُو فِي ذَلِك الْوَقْت بِالْمَدِينَةِ من فَقير وَذي حَاجَة من أَصْحَابه وَلكنه كَانَ يُعْطي على نَوَائِب الْحق فَرَأى هَذَا حَقًا فَأعْطَاهُ

قَالَ وهب رَضِي الله عَنهُ ترك الْمُكَافَأَة من التطفيف

ناول شَاب اللَّيْث بن سعد رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ اترنج باكورة فَأمره أَن يعْطى دِينَارا وَكَانَ الأسخياء يَفْعَلُونَ مثل ذَلِك وَجَاءَت عَجُوز إِلَى اللَّيْث بن سعد رَضِي الله عَنهُ فَقَالَت يَا أَبَا الْحَارِث مر وكيلك أَن يعطيني رطلا من عسل فَإِن ابْني مَرِيض يشتهيه فَقَالَ لوَكِيله أعْطهَا مَطَرا من عسل قيل لَهُ إِنَّمَا سَأَلتك رطلا فَقَالَ هِيَ سَأَلت على قدرهَا وَنحن نعطيها على قَدرنَا والمطر وقر بعير مِائَتَان وَخَمْسُونَ منا

وأتى قوم عبد الله بن أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالُوا إِن لنا مَرِيضا قد تشنجت أعضاؤه من الرِّيَاح وَوصف لنا أَن نعالجه بِلَبن الجواميس فينفعه فِيهِ فَنحب أَن تعيرنا من جواميسك فَقَالَ لوَكِيله كم لنا يَا لطف من الجواميس قَالَ خَمْسمِائَة فَقَالَ سقها إِلَيْهِم فَقَالُوا رَحِمك الله إِنَّا سألناك عَارِية قَالَ إِنَّا لَا نعير الجواميس وَأَعْطَاهَا إيَّاهُم وَعَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015