إِلَى الْمَحْشَر وَمن الْمَحْشَر إِلَى الصِّرَاط وَمن الصِّرَاط إِلَى مقَام الْعرض وَالسُّؤَال من الْوَقْت الَّذِي بلغ الْحلم إِلَى وَقت فِرَاقه من الدُّنْيَا وَخلق اللَّيْل وَالنَّهَار ليركضا بالخلق إِلَيْهِ دءوبا فالأمين اسْتَقَرَّتْ نَفسه فأبصر هَذِه الْأَشْيَاء ببصيرة نَفسه على هيئتها الَّتِي خلقت وَإِنَّمَا تبصر إِذا سكنت واستقرت واطمأنت إِلَى خَالِقهَا فقد صَارَت أمينة لَا تخون وَأما إِذا كَانَت فِي الْعَدو والالتفات إِلَى أَحْوَاله يمنة ويسرة وفيهَا شَهْوَة وَلها اخلاق رَدِيئَة دنيئة مفرطة لأمر الله عجولة فِي مهواها تشبثت بمخاليبها فِي دنياها لما وجدت من اللَّذَّة وَقَضَاء النهمة عميت عَن أَنَّهَا دَار ممر وألهتها عَن أَن تذكر دَار الْمقر وشغفت بِالْحَيَاةِ فنسيت عَن أَن تذكر الرّوح وَكَونهَا عَارِية وَطلبت المعاش حرصا لِتجمع الْكَثِيرَة عدَّة لنهماتها وتناولت الرزق على قَضَاء شهواتها ولهت عَن السَّعْي وَرفعت بالها عَنْهَا ونسيت أَنَّهَا تحْتَاج إِلَى سعي مِنْهَا مَعَ ركض اللَّيْل وَالنَّهَار سعيا يصلح فِي ذَلِك الْموقف الْعَظِيم فِي صُفُوف الْمَلَائِكَة والأنبياء وَالْمُرْسلِينَ وعباده الصَّالِحين وَإِنَّمَا جَاءَت هَذِه الْفِتْنَة من قبل النَّفس فَإِذا كَانَت سَاكِنة الطَّبْع مطمئنة الْفطْرَة ميتَة الشَّهَوَات وَجدتهَا كَرِيمَة حرَّة وَوجدت أخلاقها مستوية فأبصر الْقلب الْأَشْيَاء على هيئتها الَّتِي خلقت وَصَارَ ذَا أَمَانَة إِذْ لَيْسَ هُنَاكَ مَا يظلم الصَّدْر ويحجب النُّور عَن إشراقه وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من أحد من أَصْحَابِي إِلَّا لَو شِئْت عبت عَلَيْهِ فِي خلقه غير أبي عُبَيْدَة بن الْجراح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015