فَهَذِهِ الْأَشْيَاء للآدمي قطعا لعذره ليَكُون لَهُ عبدا فِي الدُّنْيَا وَيقدم عَلَيْهِ غَدا فيحرره من الْعُبُودِيَّة ويبعثه ملكا إِلَى دَاره فالمستقيم من رفع باله وهمته عَن الدُّنْيَا وَكَانَ كل همته فِي إِقَامَة العبودة والكون لَهُ كَمَا خلقه مراقبا لأموره فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة منقادا لحكمه يعد نَفسه عبدا لَا يملك شَيْئا وأحواله عواري يقلبها وَليهَا سَاعَة فساعة كَيفَ شَاءَ لَيست لَهُ فِيهَا مَشِيئَة ويتوقى أَن يفكر فِيهَا فَيحدث لَهُ مَشِيئَة نَاظرا إِلَى مَا برز لَهُ من مَشِيئَة الْغَيْب وَخَوف الإقلال يضمحل من الْقلب بِأَن يحسن الظَّن بِاللَّه تَعَالَى وَيعلم أَنه رب غَنِي كريم وَقد استنار فِي صَدره غناهُ وَكَرمه فَإِذا أنْفق لم يخف الإقلال لِأَنَّهُ يخلف وَلَا يعوزه شَيْء وَإِذا عرفه بالقلة أَو بالضيق وَالْبخل جبن فِي ذَلِك

عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ الله تَعَالَى سبقت رَحْمَتي غَضَبي يَا ابْن آدم أنْفق عَلَيْك يَمِين الله ملأى سحاء لَا يغيضها شَيْء بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار

وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أطعمنَا يَا بِلَال قَالَ مَا عِنْدِي إِلَّا صَبر من تمر قد خبأته لَك قَالَ أما تخشى أَن يخسف الله بِهِ نَار جَهَنَّم أنْفق يَا بِلَال وَلَا تخشى من ذِي الْعَرْش إقلالا

وَعَن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ جِئْت حَتَّى جَلَست بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ بِطرف عمامتي من ورائي ثمَّ قَالَ يَا زبير إِنِّي رَسُول الله إِلَيْك خَاصَّة وَإِلَى النَّاس عَامَّة أَتَدْرِي مَاذَا قَالَ ربكُم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015